2019/02/26

طرائق التدريس - المحاضرة الثانية - الدكتور معتز علواني


العنوان: مبادئ أساسية في التدريس
عدد الصفحات: 8

التدريس لغة من درس، يقال: درس الكتاب درساً ودراسة: قرأه وأقبل عليه ليحفظه ويفهمه، ودارس الكتاب ونحوه مدارسة ودراساً: درسه، ودارس فلاناً: قارأه وذاكره. وتدارس الكتابَ ونحوه: تعهّده بالقراءة والحفظ لئلا ينساه، وتدارس الطلبة الكتاب: درسه كلٌّ منهم على الآخر.
والتدريس وفق ما سبق يستعمل للدلالة على العمليّات التي يقوم بها المدرّس مع الدارسين في المراحل التعليمية المتقدّمة، وتدل أيضاً على عملية التفاعل بين المدرّس وطلابه في قاعة المحاضرات أو في غرفة الصفّ.
ويركّز التدريس على عملية التفاعل والحوار بين المدرّس والطالب للوصول إلى الحقائق، فهو عمليّة تجمع بين الطريقة والهدف، ووضوح الهدف في التدريس ضروريّ، لذلك يشتمل التدريس على أنشطة قصديّة تستهدف الوصول إلى التعلّم.
وطريقة التدريس مجموعة من الإجراءات والممارسات والأنشطة التعليمية التي يقوم بها المدرّس داخل الصفّ بهدف توصيل معلومات وحقائق ومفاهيم للمتعلّمين.
ويحتاج المدرّس في عملية التدريس إلى أن يكون قادراً على تقديم المادّة وإثارة الاهتمام والشرح والتمهيد والتوضيح والاستماع، واختيار الاستجابات المناسبة من المتعلّمين وتلخيصها، وهي عمليّات أساسيّة لا بدّ أن يقوم بها المدرّس، وتعتمد على خبرته وتجاربه وإعداده وتأهيله.
وطريقة التدريس التي يتبعها المدرّس في تنفيذ المنهج  يترتب عليها تحقيق أهداف تعليمية محددة، مع التسليم أنه لا توجد طريقة تدريس معينة يمكن أن نقول عنها إنها أفضل طريقة تدريس، إذ إن طريقة معيّنة قد تكون صالحة ومثالية في أحد الدروس ولكنها ليست صالحة لدرس آخر أو عند مدرسٍ ومدرسٍ وطالبٍ وطالبٍ. وهكذا فإن طرائق التدريس تتنوع تنوعاً كبيراً، تبعاً لتنوع الموقف التعليمي. وربما يستعمل المدرّس في الدرس الواحد أكثر من طريقة تدريس، فقد يبدأ المعلم باستعمال طريقة المناقشة في النشاط الأوّل من أنشطة الدرس، ثم يستعمل طريقة العصف الذهني في نشاط ثانٍ، وهكذا فإن استعمال المعلم طرائق عديدة في التدريس يؤدي إلى إثراء العملية التعليمية ويساعد على مواجهة ظاهرة الفروق الفردية بين الطلاب، كما يساعد على اختيار الطريقة المناسبة لمستوى الطلاب والإمكانيات المتوفرة التي يمكن استعمالها في إثراء الموقف التعليمي.
معايير اختيار طريقة التدريس:
ينبغي للمدرّس عند اختياره طريقة لتدريس مهارة أو نشاط أن يراعي مجموعة من المعايير، منها:
1-أن تكون الطريقة مناسبة لتحقيق أهداف الدرس.
2-أن تكون مثيرة لاهتمام الطلاب نحو الدراسة.
3-أن تكون مناسبة لمستوى النضج العقلي والعمري الطلاب.
4-أن تكون مناسبة للمحتوى.
5-أن تكون قابلة للتعديل إذا تطلب الموقف التدريسيّ ذلك.
6-أن تراعى فيها الفروق الفردية بين الطلاب.
7-أن تكون مناسبة للموقف التعليمي والمنهج.
8-أن تساعد الطلاب على تنمية التفكير.
9-أن تسمح للطلاب بالمناقشة والحوار.
10-                     أن تسمح للطلاب بالعمل فردياً أو جماعياً.
11-                     أن تسمح للطلاب بالتقويم الذاتي.
12-                     أن تتيح للطلاب فرصة استعمال مصادر للتعلّم غير الكتاب المدرسي.
13-                     أن تنمي في الطلاب روح العمل الجماعي.
14-                     أن تنمّي في الطلاب الجوانب الشخصيّة (القيادة إبداء الرأي القدرة على المحاججة .....).
15-                     أن تراعى فيها أنماط المتعلّمين (السمعي والبصري والحسّي).
ولما كنّا نطمح إلى تدريس اللغة وفق النظرة التكاملية فمن المهمّ أن يتوفّر في طريقة التدريس ما يأتي:
1- تقوم على استراتيجيّة متكاملة (نشاط تمهيدي نشاط يؤدّي إلى النّموّ نشاط ختاميّ، على أن يبدأ كلّ نشاط بالاستماع والتحدّث ثمّ الكتابة)
2- تبدأ بإثارة دافعيّة لدى المتعلّم عن طريق تبصيره بالفائدة التّطبيقيّة لما يتعلّمه.
3- تغري بمشاركة المتعلّم في التّعلّم وبالعمل المجموعي والثّنائي.
4- تؤكّد مبدأ التعلّم الذّاتيّ.
5- تعالج المادّة في كلّيّات ذات معنى، بحيث تساعد المتعلّم على إدراك العلاقات بين عناصر المادّة المختلفة.
6- تركّز على وظائف اللّغة واستخداماتها في الحياة والإكثار من ممارستها.
7- تعطي الطّفل فرصة للتدرّب على النّطق السّليم.
8-تفسح المجال أمام التّلاميذ للتّدرّب على الأنماط اللّغويّة، بحيث تصبح عادات يمارسونها.
9-تولي المشكلات اللّغويّة اهتماماً خاصّاً.
10-                     تأخذ بنظريّة التّعلّم الإتقاني في التّوصّل إلى إتقان المهارة. 
واجتهد التربويّون في وضع خطوات عامّة لعملية التدريس، ومن هؤلاء روبرت غانغ الذي وضع تسع خطوات لعملية التعليم، نلخّصها وفق الآتي:
الخطوة الأولى: جذب الانتباه:
يعدّ جذب الانتباه خطوة مهمة لحدوث التعلم، والمدرس الذي يبدأ بهذه الخطوة يجد أنّ الطلاب في حالة استعداد للانتقال للخطوات التالية، ويمكن للمدرّس أن يستفيد من التقنيات المتوفّرة في الغرفة الصفيّة (صوتيّات ومرئيّات) في تنفيذ هذه الخطوة، كما يمكن أن يستعمل أدوات أخرى، منها:
o     ذكر قصة.
o     سؤال محير (محفز للتفكير).
o     توضيح أهمية الموضوع.
o     ذكر حقيقة مثيرة للانتباه تحفّز فضول المتدربين نحو التعلم.
o     تقديم حلول لمشكلة موجودة.
الخطوة الثانية: الإخبار بالأهداف.
ينبغي أن يطلع المتعلّمون في بداية كل درس على الأهداف التعليمية، وهذا يساعد على عملية التوقع الداخلية عند المتعلّمين، ويحفّزهم على إكمال الدرس، ويساعدهم على تنظيم أفكارهم، وعلى تهيئتهم لما سيتعلّمونه ممّا يستمعون إليه أو يقرؤونه أو يشاهدونه.
إن هذه الطريقة تعطيهم تلميحاً وتزودهم بطريقة لمراجعة ما هو فعال.
مثال: اشرح الهدف من الدرس، أو اذكر ما سيكون المتعلّمون قادرين على إنجازه في نهاية الدرس، واذكر كيف سيكونون قادرين على استعمال هذه المعرفة. وينبغي أن تشكل هذه الأهداف أساساً للتقييم فيما بعد.
ويمكن أن تستهل الأهداف التعليميّة بالعبارة الآتية: بعد إتمام هذا الدرس سأكون قادراً على..
الخطوة الثالثة: التذكير بالمعلومات السابقة.
إنّ التذكير بالمعلومات السابقة يمكّن المتعلمين من البناء على مهاراتهم أو معارفهم السابقة، فربط المعلومات الجديدة مع معرفة سابقة لدى المتعلمين يسهّل العملية التعليمية، وخزن المعلومات ضمن الذاكرة (طويلة الأمد)، ويصبح أسهل عند المتعلمين عندما تتوفر صلات أو روابط مع تجاربهم الشخصية أو معارفهم.
ويعتمد تحفيز الاستذكار على عرض أسئلة حول تجارب سابقة، أو حول فهم المفاهيم السابقة، أو حول فهم المحتوى. ومن أمثلة ذلك: تذكير المتعلّمين بمعارفهم الأولية المتصلة بالدرس الحالي، وتزويدهم بإطار يساعد على التعلم والتذكر. وربّما من المفيد جداً الاستفادة ممّا تعلّموه في الموادّ الدراسيّة المختلفة، عملاً بمبدأ التكامل الأفقيّ بين الموادّ، وتوظيف هذه الموادّ في خدمة المادّة الجديدة.


الخطوة الرابعة: عرض المضمون.
يعرض المدرّس المضمون الجديد على الطلاب، وينبغي له تنظيم المحتوى تنظيماً يبيّن الفائدة من دراسته، كما ينبغي استعمال وسائل متعددة، إن أمكن، ومن هذه الوسائل: النص والصور والأصوات والرسوم البيانية، وذلك لملائمة أنماط التعلم المختلفة،  ويمكن تنظيم المحتوى وفق تصنيف بلوم المعدّل، واستراتيجيات التعلم للمساعدة في تسلسل الدرس من خلال تجزئته وفقاً لدرجة الصعوبة.
الخطوة الخامسة: تقديم الإرشادات.
في هذه الخطوة ينبغي للمدرّس تزويد الطلاب بتعليمات حول كيفية التعلم، كما ينبغي تقديم إرشادٍ إضافيٍّ مصحوبٍ بعرض المحتوى الجديد؛ فالإرشادات تساعد الطلاب على ترميز المعلومات في الذاكرة طويلة المدى، وتتضمن استراتيجيات الإرشاد (التوجيه) استخدام أمثلة، ودراسة حالات، عرض رسوم، والقيام بالتناظرات، وغيرها. وتزداد نسبة التعلم بتقديم هذه الإرشادات؛ لأن الطلاب سيكونون أقل عرضة لهدر الوقت، أو أقل عرضة للإصابة بالإحباط بسبب الاعتماد على معارف أو حقائق غير صحيحة أو مفاهيم غير واضحة.
الخطوة السادسة: استنباط الأداء.
يطلب من الطالب ممارسة المهارة الجديدة أو المعرفة المكتسبة حديثاً، حيث يقدم استنباط (استخراج) الأداء فرصة للطلاب لإثبات مدى فهمهم صحته، وكذلك يزيد التكرار من عملية الحفظ.

الخطوة السابعة: تقديم التعليقات.
عندما يقوم الطلاب بتوظيف المعارف الجديدة، سيكون من المهم تقديم تغذية راجعة فورية لأدائهم، إذ ينبغي استعمال التمارين مع إرشاداتها لفهم الأهداف، وتدعى الأسئلة والتوجيهات المرافقة ضمن هذه المرحلة: التغذية الراجعة الإخبارية.
وينبغي للمدرّس أن يبيّن صحة أداء الطلاب، ويحلّل تصرفاتهم، ويمكن إجراء هذا عن طريق الاختبار، أو المذاكرة، أو التعليقات الشفوية.
وعلى المدرّس أن يقدّم تغذية راجعة محددة ودقيقة، ولا يكتفي بأن يقول للطالب: "أنت قمت بعمل جيّد"، بل يبيّن له: "لماذا قام بعمل جيّد؟"، أو يقوم بتوجيهه توجيهاً محدداً.
الخطوة الثامنة: تقييم الأداء.
بعد إتمام النماذج التعليمية لابد من إجراء اختبار للتأكد من أنّ الطلاب قد تعلموا (يمكن أيضاً تزويدهم بمعلومات عامة عن تقدمهم)، وينبغي إعطاء الطلاب فرصة للتقييم النهائي، كما ينبغي إكمال هذا التقييم من دون الحاجة إلى تدريب إضافي، أو تغذية راجعة، أو تلميحات، ويتم التأكد من إجادة المادة. وعادة ما تكون النسبة المقبولة من ٨٠ إلى ٩٠ % للتعبير عن الأداء الصحيح.
الخطوة التاسعة: تعزيز عملية الحفظ والنقل.
في هذه المرحلة على المدرّس أن يخبر الطلاب عن أحوال وظروف مشابهة، ويقدّم لهم تمارين إضافية، وأن يضعهم في موضع تحويل (من سلوك أو معرفة أو مهارة قديمة إلى سلوك أو معرفة أو مهارة جديدة)، ليتبيّن (نقل أثر المعرفة الجديدة)، ثمّ يقوم أخيراً بمراجعة المادة.
ومن المهمّ أن نعرف أنّ هذه الخطوات لا تخصّ طريقة بعينها، بل هي خطوات ينبغي السير وفقها مهما كانت الطريقة التي نتّبعها في التدريس.

ليست هناك تعليقات:

اضافة تعليق