2018/05/06

الأدب الأموي - المحاضرة الثانية / تحليل


الغزلُ الحضريُّ

عمر بن أبي ربيعة


قال عمر بن أبي ربيعة يتغزّل بامرأة:
1.  يَقولُ خَليلي إِذ أَجازَت حُمولُها
خَوارِجَ مِن شَوْطانَ بِالصَبرِ فَاِظفَرِ[1]
  
2.  فَقُلتُ لَهُ ما مِن عَزاءٍ وَلا أَسىً
 
بِمُسلٍ فُؤادي عَن هَواها فَأَقصِـرِ[2]
  
3. تَباريحَ لا يَشفي الطَبيبُ الَّذي بِهِ
 
 وَلَيسَ يُؤاتيهِ دَواءُ المُبَشِّـرِ
  
4. صَريعُ هَوىً ناءَت بِهِ شاهِقِيَّةٌ
 
هَضيمُ الحَشى حُسّانَةُ المُتَحَسَّـرِ[3]
  
5. قَطوفٌ أَلوفٌ لِلحِجالِ غَريرَةٌ
 
وَثيرَةُ ما تَحتَ اِعتِقادِ المُؤَزَّرِ[4]
  
6. سَبَتهُ بِوَحفٍ في العِقاصِ مُرَجَّلٍ
 
أَثيثٍ كَقِنوِ النَخلَةِ المُتَكَوِّرِ[5]
  
7. وَخَدٍّ أَسيلٍ كَالوَذِيلَةِ ناعِمٍ

مَتى يَرَهُ راءٍ يُهِلُّ وَيُسحِرُ[6]

8. وَعَينَي مَهاةٍ في الخَميلَةِ مُطفِلٍ
 
مُكَحَّلَةٍ تَبغي مَراداً لِجُؤذَرِ[7]
  
9. وَتَبسِمُ عَن غرٍّ شَتيتٍ نَباتُهُ
 
لَهُ أُشُرٌ كَالأُقحُوانِ المُنَوِّرِ[8]
  
10. وَتَخطو عَلى بَردِيَّتَينِ غَذاهُما
 
سَوائِلُ مِن ذي جَمَّةٍ مُتَحَيِّرِ
  
11. مِنَ البيضِ مِكسالُ الضُحى بَختَرِيَّةٌ
 
ثقالٌ مَتى تَنهَض إِلى الشـَيءِ تَفتِرُ[9]
  
12. فَقالَت لِأَترابٍ لَها اِبرَزنَ إِنَّني
 
أَظُنُّ أَبَا الخَطَّابِ مِنَّا بِمَحْضَـرِ[10]
  
13. وَجِئتُ اِنسِيابَ الأَيمِ في الغيلِ أَتَّقى الـ
 
ـعُيونَ وَأُخفي الوَطءَ لِلمُتَقَفِّرِ[11]
  
14. فَلَمّا اِلتَقَينا رَحَّبَت وَتَبَسَّمَت
 
تَبَسُّمَ مَسـرورٍ وَمَن يَرضَ يُسـرَرِ
  
15. فَيا طيبَ لَهوٍ ما هُناكَ لَهَوتُهُ
 
بِمُستَمَعٍ مِنها وَيا حُسنَ مَنظَرِ[12]
  



[1] - أجازت حمولها: سارت ركائبها. شوطان: اسم مكان معين. بالصبر فاظفر: أي تمسك به واتخذه لك ديدنا وطبعاً.
[2] - الأسى جمع أسوة وهي القدوة. وأقصر: اترك ما تعرضه عليّ.
[3] - شاهقية: منسوبة إلى الشاهق، وهو أعلى الجبل، وإنّما يسكن أعالي الجبال الأروى، فتمتنع بها ولا يقدر أحد على اصطيادها. وهضيم الحشا: ضامرة البطن. وحسانة: شديدة الحسن. والمتحسر: الموضع الذي تحسر منه ثيابها.
[4] - قطوف: بطيئة السير. الحجال: جمع حجلة وهو بيت يزين بالثياب والستور. وغريرة: غير جنيرة أو عزيزة: منيعة بما حولها من أبطال قومها. وثيرة ما تحت اعتقاد المؤزر: كبيرة الردفين؛ لأنهما هما اللذان يقعان تحت الموضع الذي يعقد فيه الإزار.
[5] - سبته: استلبت لبه. الوَحْف: الكثيف الأسود، وأراد شعرها. والمرَّجل: الذي بين البسط والجعد. أثيث: كثير أصل الشعر. القِنْو: العذق من النخل.
[6] - أسيل: لين ناعم طويل. الوذيلة: المرآة, والقطعة من الفضة. ويهل: يرى الهلال، يعني أن من رآها كأنه رأى الهلال.
[7] - المهاة: البقرة الوحشية. والخميلة: الشجر الملتف. والمراد: المكان الذي يروده: أي يذهب فيه ويجيء. والجؤذر: الصغير من ولد البقر.
[8] - تبسم عن غرّ: أراد فمها، وصف أسنانها بأنها مفلجة غير متلاصقة، وذلك مما يمتدحون به. والأشر: حدّة الأسنان.
[9] - يقولون ((امرأة مكسال الضحى)) و ((نؤوم الضحى)) يريدون أنها لا تقوم لحاجتها حتى يرتفع الضحى؛ لأنها لا تحتاج إلى ذلك. وبَخْتريّة: المتبخترة في مشيتها، وهي مشية المختال المتكبر. وثقال: أي رزان ثقيلة الأرداف. وتفتر: تضعف.
[10] - الأتراب: جمع تِرب وهي اللدة الموافقة في السّن.
[11] - الأيم: الحيّة. الغيل: الماء الجاري على سطح الأرض. والمتقفر: المتتبع الأثر.
[12] - (ما)) في قوله ((فيا طيب لهو ما)) تقع صفة للهو، وكأنه قال: فيا طيب لهو عظيم لهوته هناك، وأراد بالمستمع: الاستماع فهو مصدر ميمي.
  

  


عدد الصفحات: (9)