العنوان: شاتوبريان + فيلمان
عدد الصفحات: 13
موضوع 4، مقارن حماة
19، د.راتب سكر
قال شاتوبريان عن شكسبير: "لست أدري ما إذا كان هناك إنسان ألقى على
الطبيعة البشرية نظرات أعمق من نظراته" .
شاتوبريان
(1768ـ1848م):
François-René de Chateaubriand
أ. مكانة شاتوبريان:
رأى عدد من الأدباء فرانسوا رينيه دو شاتوبريان
أعظم كتاب فرنسا المعاصرين له.
1.
فيكتور هوغو قال في مطلع شبابه: "أريد أن أكون شاتوبريان أو لا شيء".
2.
قال سانت بوف Saint Beuve في سنة 1849، بعد وفاة شاتوبريان بسنة:
"إنه الأكثر شهرة بين كتابنا المعاصرين"...
3.
وكتب إميل فاجيه Emile Faguet، في
سنة 1887 (ناسيا فولتير): "شاتوبريان هو أعظم مَعْلم في تاريخ الأدب الفرنسي
منذ بلياد Peliade الذي عاش حوالي عام 1550".
4.
قيل: من المؤكد أن سيادته للأدب الفرنسي لا تضارعها إلاّ سيادة فولتير،
وترجع معالم من مكانة شاتوبريان إلى أنه انتصر للدين على حساب الفلسفة تماما كما
انتصر فولتير للفلسفة على حساب الدين...
واحد من أهم أعلام الشخصيات في الأدب الفرنسي
الرومانسي، هو أقل شهرة من فيكتور هيجو، وأقل عمقا وتعقيداً من لامارتين ودي
موسيه, لكنه مع ذلك يعد أحد أبرز رواد المدرسة الرومنطيقية في النصف الأول من
القرن التاسع عشر.
ب. حياته وتنقلاته ورحلاته وأسفاره:
غذت حياته ورحلاته
وأسفاره سبله إلى الآداب والثقافات الأجنبية، ونزعته إلى دراسة الأدب في صلاته
الخارجية. قام شاتوبريان برحلات إلى أميركا وإيطاليا والسويد واليونان ومصر
وفلسطين وغيرها، فنمت هذه الأسفار روح حواره مع الآداب والثقافات المختلفة، مما
يحتاج إلى دراسات جادة مناسبة.
1.
شاتوبريان
(1768ـ1848م) ورحلته إلى أميركا:
في يوم 8 ابريل
1791م أبحر وهو في الثالثة والعشرين من عمره، من سان مالو بفرنسا، ووصل بالتيمور
في أمريكا 9 يوليو، وقد طاف بمعظم أنحاء القارة الأمريكية الشمالية, من فيلادلفيا
إلى بوسطن ونيويورك ومنطقة البحيرات, ثم اتجه لأوهايو, ولنتذكر أن مثل هذه الأسفار
وقتها كانت مغامرة حقيقية, لصعوبة المواصلات, ما صوره مستكشفا وبطلا في نظر
الكثيرين, وهذا ما جعل الرئيس جورج واشنطن (1732-1799) يستقبله بحفاوة.... سافر
لمعاينة مجتمع الهنود الحمر الأمريكيين, لمشاهدة عفوية الحياة وفطريتها وسذاجتها
الأخاذة. عاد من أميركا يوم 2 يناير 1792م.
2.
إقامته
في إنجلترا:
عاد من رحلة
أميركا، يوم 2 يناير 1792م, فواجه ما يحدث في باريس بعد ثورة سنة 1789، وبسبب
مواقفه المناصرة للملكية راح رجال الثورة الفرنسية يطاردونه، فهرب لبلجيكا وتطوع
للمقاومة ضد الثورة وجرح, واضطر للهرب إلى إنجلترا عام 1793م، وعاش فيها سبع سنوات
عجاف، لفه الفقر والحزن والفاقة والمرض المرير, ووسط هذه المعاناة الأليمة شحذت
نوائب الدهر عبقريته فكتب مخطوطات أثمن أعماله الأدبية, ويصف فاقته في مرحلة حياته
اللندنية بقوله: "كنت أمضغ العشب والورق لفرط معاناتي ولضيق ذات اليد"،
ولكنه في هذه الظروف, أو لهذه الظروف بدأ بكتابة مؤلفه: "مساهمة حول الثورات
المقارنة", وما لبثت أخبار باريس أن حملت إليه انتقام أنصار الثورة الفرنسية
منه, إذ أعدموا أخاه 22 ابريل 1794م, وسجنوا أمه وزوجته وأختيه.. واستمر في لندن
حتى سنة 1800.
3.
عودته
إلى باريس:
في سنة 1800م عاد
لباريس متخفيا عن خصومه باسم مستعار هو دي لاسان، كتب عن ذلك يقول: (طلعت عليهم
أنا والقرن الجديد معا). كتبه في هذه المرحلة:
3،1، سرعان ما أصبحت حاميته إلزا
شقيقة بونابرت, ومن أجلها نشر دراسة عن
"مدام دو ستايل" صديقتها، المثقفة والمنظرة الرومانسية الشهيرة....
3، 2، سمح له الاستقرار النسبي
بنشر أول أعماله المهمة: رواية (أتالا)
1801م, التي استلهم موضوعها من رحلته إلى أميركا (1791-1792)، (لا بد من عودة إلى
تلك الرحلة في هذا السياق)، ثم نشره هذا العمل مع مؤلفه التالي "رينيه"
في طبعة بعنوان: (أتالا ورينيه)، وتصف روايتُه أتالا (1801م) قصة حب مأساوية بين
هنديين من هنود أمريكا الشمالية، والرواية نموذج لاهتمام الرومانسية الأوروبية
بالموضوعات البدائية وغير المألوف.... وقد لقيت تجربته القصصية قبولاً عاماً...
لقد عني الدارسون
بالمصادر الأجنبية الأمريكية في أدب شاتوبريان، تلك المصادر التي بدأت برحلته شابا
إلى أمريكا، واستمرت في مطالعاته اللاحقة، فصدر "كتاب "المصادر الأجنبية
الأمريكية في إنتاج شاتوبريان" ل. ج.شينار Chinard عام 1918"
.
4.
شاتوبريان
في روما:
صادفت توجهاته ضد
الثورة الفرنسية هوى في نفس بونابرت الذي عينه مستشارا أول في السفارة الفرنسية
بروما ...وكان هذا الموقع مهما بالنسبة لشاتوبريان، فقد كان يسمح له بالعمل تحت
إمرة (فرش) خال بونابرت, وأيضا لأن ايطاليا كانت تعد وقتها نافذة مشرعة على الشرق
الذي كان الشغف به وبسحره يأكل قلب شاتوبريان من الداخل.... وحين شن نابليون حملة
لتصفية أنصار الملكية السابقة استقال هو وعاد لباريس.
5.
شاتوبريان
في باريس بعد روما:
عاد إلى باريس متفرغا مؤقتا للكتابة، مجتهدا في
عدم الاصطدام مع نابليون...
6.
رحلته
إلى فلسطين ومصر والشرق:
أمضى فرانسوا
شاتوبريان خمس سنوات منذ عودته من لندن، متنقلا بين باريس وروما، وها هو في
الأربعين من عمره مطلع سنة 1806م، عندما انطلق في رحلته إلى الشرق التي كانت
تخامره منذ زمن الصبا, كتب عن ذلك يقول: (لقد طفت ودرت دورة كاملة حول البحر
المتوسط, من دون مخاطر تذكر, ومثل القدامى زرت إسبرطة, مررت بأثينا, حللت بالقدس,
رسوت بالإسكندرية, تفرجت على آثار قرطاج, وأخيراً استسلمت لجمال قصر الحمراء
بالأندلس, دورة كاملة حول المتوسط)...., وقد دفعه الشعور بأنه أصبح بطلا أسطوريا
على شاكلة أبطال هوميروس، مثل أوديس، إلى أن يشرع في كتابة سيرته الذاتية سنة
1808م...
كانت سنة 1808م من
أهم سني حياة شاتوبريان الأدبية كما صرح بذلك في مقدمة كتابه: (الرحلة من باريس
إلى القدس)، نشره في السنة نفسها, وقد حظي هذا الكتاب بمتابعة الدارسين وتقدير
قيمته في دراسات "الأدب المقارن"، فكتب عنه ماريو فرانسوا غويار في كتابه
"الأدب المقارن" (1951م): "لما كانت هذه الدراسات قد انتشرت
بالفعل، فإنها يجب أن تتعقب بصورة منهجية، وينبغي أن نتمنى تضاعف النشرات الشبيهة
بنشرة بيان "الطريق من باريس إلى أورشليم"، التي قام بها ي.مالاكيس (سنة
1946). وهناك كثير من قصص الرحلات تنتظر ناشرين مدققين ونافعين إلى هذا الحد" .
7.
في
باريس بعد عودته من مصر وفلسطين:
بدأ كتابة الكتاب
الذي سيشتهر به حتى الآن: (مذكرات ما وراء القبر)، متضمنا سيرته الذاتية، كما عين
عضوا بالأكاديمية الفرنسية, وقد جرت العادة أن يلقي كل عضو جديد خطاباً يقدم فيه
أفكاره وأطروحاته التي أهلته لهذا المنصب العلمي الرفيع, وكان خطاب شاتوبريان
مكرسا كله للدفاع عن الحرية في السياسة، وأيضا في الفن والإبداع, مما أثار نابليون
ضده، فقرر استرضاءه بنشر أعمال متتالية: (إلى بونابرت) (عن آل بوربون) (ضرورة أن
نتعلق بحكامنا الشرعيين(... .
سمعته الأدبية
الكبيرة جعلتهم يعينونه سفيراً لفرنسا بالسويد، وكان هذا نوعاً من النفي وقتها,
آثر هو تجنبه فرفض السفر وبقي حتى عام 1823م منشغلا بمستنقع باريس السياسي, فصار
وزير دولة حينا، ثم مطارداً يُطلب رأسه, ومنذ سنة 1924م اتجه للصحافة فنشر أعمالاً
كثيرة منها (مات الملك: عاش الملك)، ودافع بحماس شديد عن حرية النشر التي أسس من
أجلها (جمعية أنصار الصحافة) عام 1827م....
ثم نشر دراسة عن
الأدب الإنكليزي.
8.
دراسته
عن الأدب الإنكليزي عام 1836:
ترجم كتاب جون
ميلتون "الفردوس المفقود"، إلى الفرنسية، فطلب من شاتوبريان أن يكتب
مقدمة لهذا الكتاب المترجم المهم في تاريخ الآداب العالمية.
تضمنت مقدمته
للترجمة الفرنسية لمؤلف جون ميلتون (الفردوس المفقود), دراسة عن الأدب الإنكليزي،
تعدّ إسهاماً مهماً في التمهيد لنشأة الأدب المقارن.
أ.
وقد عدها الدارسون أهم أعماله النقدية، غير أنهم لاحظوا أنه كاد يقتصر في
دراسته على دراسة شكسبير Shakespeare (1564-1616)، وجون ميلتون Milton (1608-1674)، واللورد جورج بايرون Byron (1788- 1824م)، وقد تناولهم
باستفاضة....
ب.
وقد لاحظ شاتوبريان في دراسته هذه أن بعض الدارسين السابقين، (إشارة إلى
فولتير)، قد قاس شكسبير بنظارة جاسوس كلاسيكي، تتبع خروجه على القواعد الأدبية
الكلاسيكية.
إن هذه الملاحظة وما شابهها في دراسته، ستعد فيما بعد من صميم مهام دراسات الأدب المقارن.
إن هذه الملاحظة وما شابهها في دراسته، ستعد فيما بعد من صميم مهام دراسات الأدب المقارن.
ج. وقد أنهى شاتوبريان دراسته بمديح لشكسبير، قال
عنه: "لست أدري ما إذا كان هناك إنسان ألقى على الطبيعة البشرية نظرات أعمق
من نظراته" .
لقد جعل شكسبير في مرتبة متقدمة ضمن خمسة من الأدباء المهمين الرائعين في التاريخ الأدبي العالمي، منهم: هوميروس، ودانتي.
لقد جعل شكسبير في مرتبة متقدمة ضمن خمسة من الأدباء المهمين الرائعين في التاريخ الأدبي العالمي، منهم: هوميروس، ودانتي.
د.
إن اهتمام شاتوبريان بالأدب الإنكليزي، ولاسيما شكسبير، ودراسته ينسجم مع
ذلك التوجه المتنامي مع سابقيه الفرنسيين فولتير وستاندال، ومن الراجح أن هذا
الاهتمام الفرنسي بالأدب الإنكليزي، الذي واكبه اهتمام مماثل بالأدب الألماني (مع
مدام دو ستايل وغيرها) وغيره من الآداب الأوربية والعالمية، قد عزز نزعة المقارنة،
وهيأ تمهيدا مناسبا لنشأة الأدب المقارن في فرنسا، معنيا بدراسة الأدب في صلاته
الخارجية، خارج حدوده اللغوية والقومية، وموسعا مضمار دلالات هذه الصلات أمام
الباحثين المتلاحقين، يوما بعد يوم....
ه.
كان غياب الاهتمام بالشرط التاريخي، وإثبات وجود صلات تاريخية موثقة بين
الظواهر المدروسة، في كتابات فولتير ومدام دوستايل وستاندال وشاتوبريان وأمثالهم،
من أبرز حجج إبعادهم عن مظلة الأدب المقارن طوال هيمنة مناهج المدرسة الفرنسية على
دراساته حتى منتصف القرن العشرين، وهو إبعاد نسبي‘ إذ ظل أدب هؤلاء الكتاب الأربعة ونقدهم على الدوام
من الموضوعات الجوهرية لدراسات الأدب المقارن منذ مطالع القرن التاسع عشر حتى الآن،
وظلت دراساتهم تتداخل مع دراساته تداخلاً مسموع الصوت في كتابات أصحابها، ومن
الراجح اليوم أن المناهج الجديدة من فرنسية وروسية وأمريكية وغيرها ستجعل للكلام
في هذا المضمار آفاقا جديدة...
9.
خاتمة
المطاف:
مع تقدمه في السن
عادت صراعات باريس تجرفه بتياراتها حتى يوم موته 4 يوليو 1848م عن عمر يناهز
الثمانين عام .....نُشرت السيرة الذاتية لشاتوبريان بعنوان: "ذكريات من وراء
القبر" بعد موته بقليل. وعادة ما توصف سيرتُه الذاتية بأنها أحسن أعماله.
موضوع (5) فيلمان
موضوع 5، مقارن حماة، 2019، فيلمان ... د.راتب
سكر
المرحلة التأسيسية لنشأة الأدب المقارن: تعددت إسهامات الباحثين
الفرنسيين في نشأة الأدب المقارن في القرن التاسع عشر، وتنوعت القيمة العليمة لكل
منها، غير أن تلك الإسهامات في تعددها وتنوعها، تؤكد المهاد الفرنسي في القرن
التاسع عشر، حاضنا لنشأة الأدب المقارن، وتبلور مصطلحه وحدوده وميادينه وغاياته
العلمية، بعد مرحلة "تمهيدية" برز فيها فولتير ومدام دوستايل وستاندال
وشاتوبريان وغيرهم.
يعود ابتكار مصطلح "الأدب المقارن" وترسيخ تداوله، إلى النقاد
والدارسين الفرنسيين في النصف الأول من القرن التاسع عشر، ويكاد المهتمون بنشأة
الأدب المقارن وتاريخه، يجمعون على ريادة آبل فرانسوا فيلمان (1790-1870) في هذا
المجال، مع تأكيد بعضهم أولوية جهود معاصره (الذي يصغره بعشر سنوات) "جان جاك
أمبير : 1800ـ 1864م"، وتقدمه عليه.
1.
آبل فرانسوا فيلمانFrancois Villemain) l Abel) (1790 ـ1870م):
من كتبه الجديرة بالاهتمام كتاباه:
أ.
(الأدب الفرنسي في القرن الثامن عشر) صدر بأربعة مجلدات عام 1829م.
ب. (الأدب في العصر الوسيط في
فرنسا وإسبانيا وانكلترا) صدر بمجلدين عام 1830م.
حاضر فيلمان في جامعة السوربونSorbonne , بين عامي (1828ـ1829م)، وعني بمحاضراته، التي نشر قسماً منها في كتابيه المذكورين، بمجموعة من قضايا الأدب وتاريخه ونقده، من أبرزها:
حاضر فيلمان في جامعة السوربونSorbonne , بين عامي (1828ـ1829م)، وعني بمحاضراته، التي نشر قسماً منها في كتابيه المذكورين، بمجموعة من قضايا الأدب وتاريخه ونقده، من أبرزها:
1.
ريادته في إطلاق مصطلح "الأدب المقارن" وتعريفه:
قال فيلمان "إنه يريد أن
يظهر من خلال جدول مقارن تأثيرات الآداب الأجنبية في الروح الفرنسية، وما أعطته
هذه الروح لتلك الآداب" ، وقد سمى فيلمان هذا النوع من الدراسات باسم الأدب
المقارن وعرّفه بأنه "السرقات الأدبية الأبدية التي تتبادلها كل الدول"
، مع العلم أن المعنى الذي أراده من هذا التعبير في كتاباته غير واضح تماما، وأكبر
الظن أنه فهم من المقارنة شيئا آخر غير مقارنة النصوص الأدبية، وعنى بالمقارنة على
ما يبدو دراسة الإضافات العقلية التي أنجزتها كل أمة في مجال التقدم الإنساني.
كان فيلمان أول من تداول مصطلح الأدب المقارن، باستخدامه للدلالة على هذا الاتجاه من اتجاهات البحث، الذي اعتنى فيه بالتأثيرات المتبادلة بين الأدب الفرنسي وغيره من الآداب الأوربية، وقد "استخدم في المقدمة عبارة الأدب المقارن Litterature Compare" . فكان رائد استخدام هذا المصطلح، مبينا أهمية "الدرس المقارن للآداب الذي يعد فلسفة النقد" ، ثم ترددت العبارة مصطلحاً يدل على الدراسات المعنية بقضية التأثير بين الأدب الفرنسي وغيره من الآداب الأوربية, ولاسيما الإنجليزية والإيطالية والأسبانية، تلك الدراسات التي راجت في فرنسا رواجا كبيراً في القرن التاسع عشر، وانتقلت مؤثرات مناهجها ومصطلحاتها وموضوعاتها إلى النقاد في البلدان الأوربية وغيرها من بلدان العالم. وقد حاول أن يرسم صورة مقارنة لما تلقاه العقل الفرنسي من الآداب الأجنبية وما رده لها.
قال فيلمان "إنه يريد أن يظهر من خلال جدول مقارن تأثيرات الآداب الأجنبية في الروح الفرنسية، وما أعطته هذه الروح لتلك الآداب" ، وقد سمى فيلمان هذا النوع من الدراسات باسم الأدب المقارن وعرّفه بأنه "السرقات الأدبية التي تتبادلها كل الدول" ، فكان بذلك من أوائل من تداول مصطلح الأدب المقارن، بل إن بعض الباحثين، مثل د.الطاهر أحمد مكي، يرى أن "فيلمان أول من استخدم تعبير (أدب مقارن) على نحو علمي" . يلحظ في كتابات فيلمان التوسع في مقارنة الآداب في عدد من البلدان الأوربية توسعا لم يكن معروفا قبله، لذلك عده الباحثون رائد الأدب المقارن؛ لأنه أول من توسع في دراسة العلاقات الأدبية بين عدد من البلدان من جهة، وأول من استخدم مصطلح المقارنة من جهة أخرى.
كان فيلمان أول من تداول مصطلح الأدب المقارن، باستخدامه للدلالة على هذا الاتجاه من اتجاهات البحث، الذي اعتنى فيه بالتأثيرات المتبادلة بين الأدب الفرنسي وغيره من الآداب الأوربية، وقد "استخدم في المقدمة عبارة الأدب المقارن Litterature Compare" . فكان رائد استخدام هذا المصطلح، مبينا أهمية "الدرس المقارن للآداب الذي يعد فلسفة النقد" ، ثم ترددت العبارة مصطلحاً يدل على الدراسات المعنية بقضية التأثير بين الأدب الفرنسي وغيره من الآداب الأوربية, ولاسيما الإنجليزية والإيطالية والأسبانية، تلك الدراسات التي راجت في فرنسا رواجا كبيراً في القرن التاسع عشر، وانتقلت مؤثرات مناهجها ومصطلحاتها وموضوعاتها إلى النقاد في البلدان الأوربية وغيرها من بلدان العالم. وقد حاول أن يرسم صورة مقارنة لما تلقاه العقل الفرنسي من الآداب الأجنبية وما رده لها.
قال فيلمان "إنه يريد أن يظهر من خلال جدول مقارن تأثيرات الآداب الأجنبية في الروح الفرنسية، وما أعطته هذه الروح لتلك الآداب" ، وقد سمى فيلمان هذا النوع من الدراسات باسم الأدب المقارن وعرّفه بأنه "السرقات الأدبية التي تتبادلها كل الدول" ، فكان بذلك من أوائل من تداول مصطلح الأدب المقارن، بل إن بعض الباحثين، مثل د.الطاهر أحمد مكي، يرى أن "فيلمان أول من استخدم تعبير (أدب مقارن) على نحو علمي" . يلحظ في كتابات فيلمان التوسع في مقارنة الآداب في عدد من البلدان الأوربية توسعا لم يكن معروفا قبله، لذلك عده الباحثون رائد الأدب المقارن؛ لأنه أول من توسع في دراسة العلاقات الأدبية بين عدد من البلدان من جهة، وأول من استخدم مصطلح المقارنة من جهة أخرى.
2.
التأثيرات المتبادلة بين الأدب الفرنسي وغيره من الآداب الأوربية ومواقف
فيلمان من الآداب الأوربية: جنح في كتاباته وفي محاضراته إلى (( دراسة التأثير الذي
مارسه الكتّاب الفرنسيون في القرن الثامن عشر الميلادي في الآداب الأجنبية والفكر
الأوربي)).
وحمل فيلمان في كتابه هذا وفي
محاضراته وكتاباته على الآداب الأوربية الأخرى لكي يظهر "بضربة مضادة،
العبقرية الفرنسية في الخارج، في أعمال شهيرة عديدة في إنكلترا وإيطاليا".
درس التأثيرات المتبادلة بين
الأدب الفرنسي والأدب الإنكليزي، والتأثير الفرنسي في الأدب الإيطالي في القرن
الثامن عشر, وقد أعطى رأيا مهما في كتاب دانتي (الإيطالي)، يرى أن
"(الكوميديا الإلهية) هي أكبر صرح كامل للتخيّيل، يبين أشكال الإيمان لدى شعب
بعينه.... ويؤكد على عكس الرومانسيين، أن كتّاب العصور الوسطى هم ورثة اليونانيين
والرومانيين....".
واهتم في كتاباته بالمؤثرات الأدبية بين فرنسا وبريطانيا, قال إنه يريد أن "يعرّف النيران المتقاطعة بين فرنسا وانكلترا"، وعلى أي حال يظل الأداء أبعد ما يكون عما وعد به. لكن الجديد هو اهتمامه بزيارة (فولتير) إلى إنكلترا، ودراسته للأدباء الإنكليز: (بوب، وأديسون، وسويفت).
واهتم في كتاباته بالمؤثرات الأدبية بين فرنسا وبريطانيا, قال إنه يريد أن "يعرّف النيران المتقاطعة بين فرنسا وانكلترا"، وعلى أي حال يظل الأداء أبعد ما يكون عما وعد به. لكن الجديد هو اهتمامه بزيارة (فولتير) إلى إنكلترا، ودراسته للأدباء الإنكليز: (بوب، وأديسون، وسويفت).
ويأسف فيلمان لمحاولات الحط من
شأن الشعراء العظام الفرنسيين، لصالح شعراء ألمانيا وانكلترا. ويبين أن (غوته)
مصطنع، وطبيعي، وجريء، ومجتهد، وبايرون يبعث الاشمئزاز المعقد من الحياة، وشكسبير
عظيم؛ لكنه ينتمي إلى الإنكليز ويجب أن يظل شاعرهم".
ويروق شكسبير لفيلمان كأفضل ما
يكون عندما يستطيع أن يظهر أنه كلاسيكي عظيم عندما يتفق مع يوربيدس الإغريقي.
إهماله الأدب الألماني: أهمل
الأدب الألماني؛ لجهله اللغة الألمانية، وعدم انتشار حركة الترجمة الأدبية بين
الآداب انتشارا واسعا في عصره، غير أن الأدب الألماني سيكون محل اهتمام واسع
للباحثين الذين جاؤوا بعده، كما كان محل اهتمام مدام دو ستايل من قبل.
3.
فيلمان وأفكار الثورة الفرنسية: في كتاباته عن القرن الثامن عشر في فرنسا،
لديه وجهة نظر حذرة من الثورة الفرنسية (1789م)، ولقد أهمل كثيرين من أنصارها، وهو
مهتم بالتقابل بين القرن السابع عشر الذي ساده الدين، والاهتمام بالقديم، والنظام
الملكي، والقرن الثامن عشر الذي سادته النزعة العقلية والميل إلى الشك، ومحاكاة
الآداب الحديثة، والدعوة إلى الإصلاح السياسي.
4.
فيلمان في العقدين الأخيرين من حياته: قدرت الأوساط الثقافية فيلمان في
حياته منذ انطلاقة بحوثه، وتنامى هذا التقدير على مدارج الأيام، فأصبح السكرتير
الدائم للأكاديمية الفرنسية لمدة أحد عشر عاما بين عامي (1859ـ1870م)، يؤلف
المقالات المحتشمة في الاحتفال السنوي بتوزيع الجوائز، وضعف اهتمامه بالأدب
المقارن.
ستاندال (1783- 1842) روائي وناقد فرنسي عاشَ في إيطاليا زمناً طويلاً,
برعَ في رسمِ الشخصيات في رواياته رسماً دقيقاً ثرِيَاً بتحليله النفسي. من
رواياته "الأحمر والأسود" (1830).
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق